استحوذ موضوع السلوك العدواني واتجاه بعض الناس لممارسة العدوان تجاه الآخرين على اهتمام الكثيرين من علماء النفس لفترة طويلة. وقد ظهرت فكرة مؤداها أن السلوك يظهر ويزداد نتيجة تعرض القائمين بالسلوك العنيف للمعاملة العنيفة في محيط المجتمع التي يعيشون بها أو في المنزل الذي يقيمون فيه مع الأشخاص المسئولين عنهم.
المقدمة
وقد أظهرت البحوث والدراسات النفسية والاجتماعية أن هناك عدد من العوامل التي تتضافر فيما بينها ليصبح الشخص عنيفا تجاه الآخرين. وهذه العوامل تتراكم تدريجيا حتي يكتسب الشخص لأطفال السلوك العدوانى، وهذه العوامل تتفاعل مع بعضها لينتج عنها في نهاية المطاف تكوين سلوك عدوانى لدى الشخص ليصبح عدوانيا في سلوكه تجاه الآخرين .
فإن تعرض الشخص للمعاملة العدوانية قد تجعله في المقابل أكثر عدوانا تجاه الآخرين، وفي نفس الوقت فإن مثل هذا السلوك العدوانى الذي يتم تكريسه بشكل تراكمي للطفل سوف يكون لها دور حاسم في تكوين الدوافع التي تجعل الشخص عدوانيا في سلوكه تجاه أقرانه الآخرين.
تعريف السلوك العدواني
من الطبيعي أن يكون هناك أكثر من تعريف للسلوك العدوانى، وتفترض معظم التعريفات إن القسوة والشدة من جانب الآباء المتمثلة في الأوامر والنواهي ،و العقاب والمقاومة والمعارضة لرغبات الطفل والمنع والقهر والإجبار وتحميل الطفل من المسئوليات أكثر مما يتحمل ومما يطيق من أوامر ونواهي قد يؤدي بالطفل أو المراهق عندما يكبر لأن يكون عدوانيا تجاه الآخرين.
وعلى ذلك فهناك أكثر من تعريف للسلوك العدوانى، ومن التعريفات التي عرفت السلوك العدوانى هو تعريف ( BASS) ن الذي اعتبر أن السلوك العدواني هو السلوك الذي يشمل أي شكل من أشكال السلوك الذي يتم توجيهه إلى كائن حي أخر ويكون هذا السلوك مزعجا للطرف الآخر ).
يمكنكم الاطلاع أيضًا على: بحث عن العلاقة بين الانحراف والفشل الدراسي
تعريفات أخري
أيضا فإن LENN )) قد عرف السلوك العدوانى على أنه شكل من أشكال السلوك الذي يتضمن أو ينطوي على فعل عنيف موجه نحو هدف معين يقع خارج الشخص القائم بهذا السلوك. واعتبر لين أن مثل هذا السلوك العدواني قد يكون سلوكا يتخذ شكل السلوك العدوانى العنيف بدنيا، وقد يكون هذا السلوك العدواني في شكل السلوك العدوانى العنيف لفظيا، ولكنه في النهاية يتخذ شكل السلوك غير الوقائي وغير المقبول اجتماعيا وسلوكيا من شخص تجاه شخص آخر.
أما واطسون (WATSON) فقد عرف السلوك العدواني تعريفا سلوكيا مستخدما المدخل النفسي ، وذهب واطسون (WATSON) “للقول بأن السلوك العدوانى هو مجموعة من المشاعر والاتجاهات التي تدل على الكراهية والغضب والسخرية من الآخرين ويأخذ العدوان أشكالا متعددة قد تكون خفية في حالة توجيهها بسلطة ما أو تكون عنادا عبوسا في وجه الآخرين”.
يمكنكم الاطلاع أيضًا على: تطور الفكر الإداري
أسباب السلوك العدواني
وعلى الرغم من أن السلوك العدوانى لا يقتصر على فئة عمرية بعينها ولا يوجد له أسباب محددة على وجه الحصر، فإن السلوك العدوانى يشمل السلوك العدواني الأطفال والكبار، إلا أسباب السلوك العدواني تعود إلى التنشئة في الطفولة، وهذا هو السبب في أن الجزء الأكبر من جهود علم النفس وعلم الاجتماعي حول السلوك العدواني قد وجهوا الدراسات التي قاموا بها ناحية دراسة السلوك العدواني عند الأطفال، واعتبرت هذه الدراسات أن التأسيس النفسي والاجتماعي للسلوك العدوانى عند الأطفال يؤدي إلى أن يستمر الطفل في ممارسة السلوك العدواني على مدي سنوات وحتى بعد أن يبلغ وبعد أن يصبح شخصا ناضجا، وأن مثل هذا السلوك العدوانى عند الأطفال يتحول تدريجيا إلى سلوك عدوانى يشمل جميع الفئات السنية الأخرى.
ولهذا السبب وانطلاقا من أهمية السلوك العدوانى عند الأطفال استحوذ موضوع السلوك العنيف لدى الأطفال واتجاههم لممارسة العدوان تجاه الآخرين على اهتمام الكثيرين من علماء النفس لفترة طويلة، ومن علماء النفس الرواد الذي قدموا نموذجا لتفسير تطور السلوك العنيف عند الأطفال والمراهقين هو رويل هوسمان، وحيث اعتبر رويل هوسمان أن تعرض الأطفال والمراهقين للمؤثرات التي تنطوي على عنف تجعلهم أكثر عدوانا تجاه الآخرين. وعلى هذا فإن علماء النفس والاجتماع والسلوكيات الطارئة يعطون أهمية خاصة لدارسة السلوك العدوانى في مرحلة الطفولة،باعتبارها تقع في مرحلة النمو الإنساني المتعلقة بحياة الإنساني، ومن ثم يحدث للأطفال العديد من التغيرات النفسية والسيكولوجية، والتي تنعكس حتما في سلوكياتهم على مدار حياتهم وفي نفس الوقت على سلوكياتهم تجاه الآخرين، وسلوكيات الآخرين تجاهم.
يمكنكم الاطلاع أيضًا على: تحميل بحث عن تأثير الانفعال على المعرفة
أعراض السلوك العدواني
وفقا للنموذج الذي قدمه عالم النفس رويل هوسمان فقد أكد أن هناك عدد من العوامل التي تتضافر فيما بينها ليصبح الطفل عدوانيا تجاه الآخرين، وهذه العوامل تتراكم تدريجيا حتي يكتسب الطفل لأطفال السلوك العدوانى، وهذه العوامل تتفاعل مع بعضها لينتج عنها في نهاية المطاف تكوين سلوك عنيف لدى الطفل ليصبح عدوانيا في سلوكه تجاه الآخرين، ووفقا لنظرية هوسمان فإن تعرض الطفل للمعاملة العنيفة قد تجعله في المقابل أكثر عدوانا تجاه الآخرين، وفي نفس الوقت فإن مثل هذا السلوك العدوانى الذي يتم تكريسه بشكل تراكمي خلال سنوات التنشأة الأول للطفل سوف يكون لها دور حاسم في تكوين الدوافع التي تجعل الطفل عدوانيا في سلوكه تجاه أقرانه من الأطفال الآخرين.
يمكنكم الاطلاع أيضًا على: بحث الضبط الذاتي لدى طلبة الاقسام الداخلية doc
سلبيات السلوك العدواني
وقد حاول عدد من علماء الدراسات النفسية والاجتماعية تقديم عدة نماذج لتفسير السلوك العدوانى، وشملت الدراسات التي قدمها علماء النفس والاجتماع تفسير السلوك العدوانى على فئات عمرية مختلفة شملت الأطفال والمراهقين خلال الدراسات والقياسات النفسية التي قام بها عالم النفس رويل هويسمان فقد وجد أن هناك علاقة بين مشاهدة الأطفال للأفلام التي تحتوي على العنف وبين ميل هؤلاء الأطفال والمراهقين للعدوان، وحيث أجرى هويسمان أبحاثه على عنية من 758 طفلا في الثامنة من عمرهم، بالإضافة إلى عينة أخرى من 220 طفلا، وتبين من هذه التجارب أن هناك علاقة بين التعرض لأفلام يظهر فيها مستوى مرتفع من العنف وبين ميل هؤلاء الأطفالل لممارسة العدوان. وبناء على هذه الأفكار وضع عالم النفس رويل هوسمان نموذجه الشهير لتفسير تطور سلوك العدوان عنده ، معتبرا أن هذا السلوك يظهر ويزداد نتيجة تعرض الأطفال للمعاملة العنيفة في محيط الأسرة التي يعيشون بها أو في المنزل الذي يقيمون فيه مع الأشخاص المسئولين عنهم.
يمكنكم الاطلاع أيضًا على: الإشراف الإداري وأهميته وأهم صفات المشرف الناجح
علاج السلوك العدواني
وفي هذا الصدد فإن هناك أكثر من مدخل لعلاج السلوك العدواني، لكن في معظم المدارس النفسية فإن علاج السلوك العدوانى يكون معتمدا بشكل أكبر على المدخل المعرفي والسلوكي. وفي العلاج العلاج السلوكي المعرفي يلجأ المعالجون لهذا النمط من العلاج للسلوك العدواني من خلال تنظيم عدد من الجلسات وفقا لبرنامج محدد مسبقاً، يقوم فيها المعالج النفسي بمساعدة المريض ليصبح أكثر وعياً للأفكار السلبية وغير الصحيحة، ومواجهة المواقف الصعبة بطريقة أكثر وضوحاً والاستجابة لها بشكل فعال بدلاا من اللجوء للسلوك العدوانى. ويقوم العلاج السلوكي والمعرفي للسلوك العدواني على النموذج الإدراكيّ، حيث يعتمد على طريقة استقبال الفرد لحدث معين بشكل مرتبط بردّ فعله أكثر من التركيز على الحدث نفسه، والجزء المهم في هذا العلاج هو مساعدة الشخص على تغيير أفكاره غير المفيدة، وتغيير سلوكه بشكل ينعكس إيجاباً على مزاج الشخص وعمله وبحيث يبتعد هذا الشخص عن ممارسة سلوكه العدواني تجاه الآخرين.
الخاتمة
يمثل السلوك العدوانى شكلا من أشكال الانتهاك الاجتماعي لقواعد السلوك المتفق عليها في المجتمع . وقد يتخذ هذا السلوك العدوانى شكلا بدنيا مثل التخريب، العنف، السرقة. وقد يتخذ شكلا لفظيا مثل التلفظ بألفاظ بذيئة أو الاعتداء اللفظي. وفي كل الأحوال فإن السلوك العدوانى بطبيعته لا يقتصر على فئة عمرية واحدة بعينها، ولكن مع ذلك فإن السلوك العدواني في المرحلة العمرية التي تشمل مرحلة الطفولة يعتبر من أخطر أشكال وأنماط السلوك العدواني، لأن مثل هذا السلوك العدوانى يمتد ليشمل فئات عمرية أخرى.
في نفس الوقت فإنه بالرغم من وجود أكثر من مدخل لعلاج السلوك العدوانى، سواء لدى الأطفال أو لدى الفئات العمرية الأكبر، فإن العلاج المعرفي والسلوكي للسلوك العدواني هو الأكثر فعالية في تغيير اتجاه الأفراد من اتباع أنماط من السلوك العدواني إلى الالتزام بقواعد التعامل العامل في المجتمع الذي يقوم على مبادئ للانضباط السلوكي والانفعالي بعيدا عن أشكال السلوك العدواني البدنية واللفظة على اختلافها.
المراجع
بشير معمرية، ممدوح الجعفري، نهى حامد عبد الكريم، عبد الرزاق أمقران . السلوك العدوانى في الجامعة ودور التربية فى مواجهته. الطبعة الأولى. 20014 . دار المنهل للنشر والتوزيع. عمان. الأردن.
محجوب عبد الوهاب . السلوك العدوانى . المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون “بيت الحكمة” . الطبعة الأولى. 2011 . تونس.
يحيى القبالي، المدخل إلى الاضطرابات السلوكية والانفعالية، دار الخليج للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2017. عمان، الأردن .
أحمد عبد اللطيف أبو أسعد . دليل المقاييس والإختبارات النفسية والتربوية: مقاييس الصحة النفسية، دار المنهل للنشر والتوزيع. الطبعة الأولى. 2011 . عمان. الأردن.
عماد عبد الرحيم الزغول . الإضطرابات الإنفعالية والسلوكية لدى الأطفال. دار المنهل للنشر والتوزيع. الطبعة الأولي . 2014 .عمان. الأردن
حسين طه المحادين . تعديل السلوك: نظريا وأرشاديا. دار المنهل للنشر والتوزيع . الطبعة الأولى. 2011 . عمان. الأردن. هناك بقية للمراجع في الملف المرفق بالأسفل، لرؤيتها كاملة يمكنكم الضغط علي زر التحميل بالأسفل.
